مدير-متسلط

كيف تواجه مديرا متسلطا لا يستمع إلى آراء الآخرين؟

كيف تواجه مديرا متسلطا لا يستمع إلى آراء الآخرين؟

كثير منا يواجه مديرا متسلطا لا يرغب في الاستماع لأي ملاحظات، أو انتقاد للأفكار التي يطرحها. وربما تؤدي قراراته التي يتخذها منفردا إلى خسائر فادحة يدفع ثمنها جميع العاملين.

حينما كان ريتشارد يجلس في اجتماع مهم في عمله، كان هو وزملاؤه يفكرون بشيء من الخوف في ذلك المدير المتسلط الذي يرأسهم في غرفة الاجتماعات.

وكان ريتشارد، الذي يعمل في شركة إنتاج، في تورنتو بكندا، يحضر اجتماعا مهما لمناقشة بعض المشروعات المستقبلية. وكان ذلك المدير الذي يرأسه في العمل يسيطر على مجريات الاجتماع بشكل صارم للغاية.

ولحسن حظ الشركة، ولاعتبارات أخرى تتعلق بصحة وأمن العمل فيها، لم يكن هناك شخص ذو شخصية مشابهة لذلك المدير في نفس غرفة الاجتماعات، وإلا لتحول ذلك الاجتماع إلى كارثة حقيقية.

وكان يُنظر لرأي ذلك المدير على أنه “رأي الشخص الأعلى أجرا” في مكان العمل، لذا كان الحاضرون يخشون مناقشته فيما يطرح من أفكار.

ويقول ريتشارد، البالغ من العمر 34 عاما، والذي لا يريد أن يفصح عن اسمه الحقيقي: “أستطيع أن أتذكر بعض الاجتماعات عندما كان الناس يفكرون في موضوع ما، ويطرحون العديد من الأفكار، وفي النهاية يتفقون مع الرأي الذي يطرحه ذلك المدير في لحظة واحدة”.

فهناك بعض المديرين الذين يصعب النقاش معهم بالفعل، كما يقول ريتشارد. ويضيف: “ثم ترى كل هؤلاء الحضور وهم خاضعون في غرفة الاجتماعات، وينظرون لبعضهم البعض في دهشة، وكأن وجوههم تقول ‘هل سنبدأ في تنفيذ هذه الفكرة حقا؟'”

ربما يكون معظمنا قد عمل مع مثل هذا المدير الذي يسيطر بشكل تام على كل شيء في العمل، والذي يشعر العاملون معه بأنه من الصعب توجيه انتقادات إلى أفكاره وقراراته، وبأن عليهم قبول كل ما يطرحه من أفكار، بل وامتداحها.

بالازس سزتماري، الأستاذ بكلية روتردام للإدارة
سزتماري، الأستاذ بكلية روتردام للإدارة


يقول سزتماري، الأستاذ بكلية روتردام للإدارة، إن فريق العمل يشعر بأنه غير قادر على توجيه الأسئلة إلى المديرين في المستويات الإدارية العليا

لكن كم مرة يكون فيها قرار هذا المدير صحيحا؟ لو صح ما جاء في دراسة نشرتها كلية روتردام للإدارة مؤخرا، فإن كل قرارات ذلك المدير ليست صحيحة

وقد توصلت تلك الدراسة إلى أن المشروعات التي يقودها مديرون في المستويات الإدارية المتوسطة أو المبتدئة، يرجح لها في أغلب الأحيان أن تحقق نجاحا ملحوظا، أكثر من تلك التي يقودها مديرون في المستويات العليا من الإدارة.

والسبب في ذلك هو أن الموظفين في الحالة الأولى يشعرون بأنهم قادرون على التعبير عن آرائهم بحرية أكثر، وعلى تقديم ملاحظات نقدية دون خوف.

ويقول بالازس سزتماري، الباحث الرئيسي في هذه الدراسة: “الشيء المدهش في هذه النتائج هو أن قادة المشروعات من ذوي المكانة العليا يفشلون في الغالب في تنفيذها”.

ويضيف سزتماري أنه يعتقد أن هذا يحدث بسبب الدعم غير المشروط الذي يحصلون عليه من جميع العاملين من حولهم.

ويقول سزتماري، الذي فحص خلال تلك الدراسة ما يقرب من 349 مشروعا في مجال صناعة ألعاب الفيديو، يعود بعضها إلى عام 1972، إن الموظفين كانوا على الأرجح يخافون من “التبعات المحتملة لتوجيه الانتقاد لأعمال المديرين الأعلى منصبا”.

تقول سارا بيغرستاف، المحاضرة في مجال القيادة بكلية ييل للإدارة بالولايات المتحدة، إنه على الشركات أن تعمل بجد أكبر من أجل السماح لموظفيها بأن يناقشوا قرارات مديريهم الكبار دون خوف من أي عقاب.

سارا بيغرستاف، محاضرة في مجال القيادة بكلية ييل للإدارة بالولايات المتحدة.
سارا بيغرستاف محاضرة في مجال القيادة بكلية ييل للإدارة بالولايات المتحدة

وتضيف: “ربما يمثل الأمر تحديا أن يقدم المرء ملاحظاته إذا كانت ثقافة الخوف تسود مكتب العمل. ففي مثل هذه المؤسسات، إذا لم تسر مع التيار، فلن تحصل على ترقيتك. وبالنظر إلى ما كان يحدث عبر التاريخ، فإن الموظفين يمتدحون مديريهم بدلا من إبداء ملاحظات إيجابية، من أجل مسايرة التوجه العام داخل العمل”.

ويقول جيمس فارو، المدير المؤسس لشركة “كوريوم سولوشنز” للاستشارات الإدارية في المملكة المتحدة، إن المديرين الكبار في الشركات يجب أن يشجعوا موظفيهم على مناقشة القرارات، وأن “يقبلوا وجهات النظر المختلفة، بدلا من معارضتها”.

ويضيف أن الشخصيات القيادية يجب ألا “تسخر أبدا من الآخرين أو ترفض أفكارهم أمام الحضور، حتى يشعر الناس بأنهم آمنون عند التعبير عن آرائهم”.

ويقول براين مورغان، أستاذ المشروعات التجارية بجامعة كارديف ميتروبوليتان، إن هناك العديد من الأمثلة للقرارت التجارية الخاطئة التي كان يمكن تجنبها إذا كان المديرون الكبار على استعداد لتبني نهج جماعي في اتخاذ القرارات”.

ويضيف مورغان: “كانت حالة الجدل التي أعقبت الأزمة التي تعرض لها بنك باركليز في المملكة المتحدة تؤكد على أهمية خلق ثقافة مؤسسية منفتحة، يشعر فيها العاملون بالثقة للتحدث بكل صراحة حول بعض القضايا التي يواجهونها في عملهم”.

ويقول أيضا إن القرار الخاطئ الذي اتخذه المصرف الاسكتلندي “رويال بنك أوف اسكوتلاند” لشراء بنك “إيه بي إن أمرو” الألماني في عام 2007 مقابل 50 مليار جنيه استرليني، كان يمكن تجنبه إذا أتيحت الفرصة للمديرين في المستويات المتوسطة للتعبير عن آرائهم حول هذه الصفقة.

جيس ستيلي، الرئيس السابق بنك باركليز بالمملكة المتحدة
تعرض جيس ستيلي، رئيس بنك باركليز بالمملكة المتحدة، لانتقادات بسبب محاولته إسكات شخصا أراد الإفصاح عن مخالفات وقعت داخل البنك

تستخدم شركة سيسكو الأمريكية لنظم الكمبيوتر نهجا رسميا لإبداء الملاحظات منذ سنوات، وذلك لمنع كبار المديرين من اتخاذ القرارات بصورة فردية.

وتقول كاساندرا فرانغوس، نائب رئيس الشركة لتنمية المواهب الإدارية والتنظيمية، إنه في إحدى الحالات، كانت هناك شكوى من أن أحد المديرين التنفيذين لم يشارك الموظفين الآخرين في القرارات المتعلقة بالعمل.

وتضيف: “كانت تلك الملاحظة سببا للفت الانتباه سريعا تجاه هذا المدير”.

ويقترح سزتماري لحل مثل هذه المشكلة ألا يتم الإعلان عن أسماء مسؤولي المشروعات الجديدة، مع تشجيع المديرين في المناصب المتوسطة على تقديم آرائهم بكل وضوح وصراحة.

ويقول إن مثل هذا الحل قد يأتي بنتائج جيدة في الشركات الكبيرة على وجه التحديد، “ويمكن أن يقدم فرصة للقادة للتعلم من موظفيهم، والانخراط معهم في نقاش فعال”.

منقول من BBC Entrepreneurship وتمت الترجمة بواسطة فريق فرحات ميديا .

Comments are closed.